أرأيت لو مضيت في مكان فيه شوك، ماذا تفعل؟، قال: "أشمر وأجتهد، قال:كذلك التقوى... إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وبشرنا ببقاء شرعه وبقاء من يقوم به على الحق ظاهرين فقال: «لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك». وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد: فإن التقوى خير زاد وخير الناس وهي الميزان الذي يوزن به العبد كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13] وكما يقول صلى الله عليه وسلم عندما سئل من أكرم الناس قال: «أتقاهم» ولمكانة التقوى في الكتاب والسنة ومكانة أهلها فهذه نفائس عنها: أولاً: تعريف التقوى اهتم العلماء الربانيون بتعريف التقوى فقال عنها:علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل والرضا من الدنيا بالقليل" وقال ابن مسعود: "التقوى هي أن يطاع الله فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر" وقال أبي بن كعب لما سأله عمر عن التقوى قال: "أرأيت لو مضيت في مكان فيه شوك ماذا تفعل؟ قال:أشمر وأجتهد، قال:فكذلك التقوى" وقال أحد السلف: "هي أن تزين باطنك للخالق كما تزين ظاهرك للمخلوق" وقال طلق بن حبيب: "هي أن تعبد الله على نور من الله ترجو ثواب الله وتترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله" وقال ابن تيمية: "هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل الأوامر وترك النواهي" ثانياً: أهمية التقوى للتقوى أهمية كبيرة ومكانة عظيمة من أهميتها: 1- أنها وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ} [النساء:131] 2- أنها وصية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} [الأحزاب:1] 3- أنها وصية الله للمؤمنين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} [الأحزاب:70] 4- أنها وصية الله للناس جميعاً قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1] 5-أنها وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته في كل مكان قال صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت» 6- أنها الميزان الذي يوزن به العبد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13] 7- إن التقوى تقي من عذاب الله لأن كلمة التقوى اسم مأخوذ من الوقاية، وهو أن يتخذ الإنسان ما يقيه من عذاب الله، والذي يقيك من عذاب الله فعل أوامر الله واجتناب نواهيه، فإن هذا الذي يقي من عذاب الله عز وجل. فـائـــدة: واعلم أن التقوى أحياناً تقترن بالبر فيقال: بر وتقوى، كما في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] وتارة تذكر وحدها، فإن قرنت بالبر صار البر فعل الأوامر والتقوى ترك النواهي، وإذا أفردت صارت شاملة تعم فعل الأوامر واجتناب النواهي، وقد ذكر الله في كتابه إن الجنة أعدت للمتقين فأهل التقوى هم أهل الجنة، جعلنا الله وإياكم منهم ولذلك يجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل امتثالاً لأمره، وطلباً لثوابه، و النجاة من عقابه. ثـالثـاً: ثمرات التقوى للتقوى ثمرات جليلة ينبغي للمؤمن أن يحرص عليها أشد الحرص منها: 1- الهــدى قال تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2] 2- النصـرة قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ} [النحل:128] 3- الولاية قال تعالى: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية:19] 4- المحبة قال تعالى: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال:29] 5- المغفرة قال تعالى: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال:29] 6- المخرج من الغم، والرزق من حيث لا يحتسب العبد قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] 7- تيسير الأمور قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] 8- عظم الأجور قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} [الطلاق:5] 9- تقبل الأعمال قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] 10- الفلاح قال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200] 11- البشرى قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى} [يونس:63-64] 12- دخول الجنة قال تعالى : {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [القلم:34] 13- النجاة من النار قال تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا} [مريم:72] 14- نيل العلم قال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282] 15- الاتصاف بالكرم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13] رابعـــاً: بواعـث التقـوى إذا أردت أخي المسلم /أختي المسلمة الباعث على التقوى فهناك بواعث عشرة هي: 1- خوف العقاب الأخروي 2- خوف العقاب الدنيوي 3- رجاء الثواب الأخروي 4- رجاء الثواب الدنيوي 5- خوف الحساب 6- الحياء من الله ومراقبته 7- الشكر لله على نعمه بطاعته 8- العلم 9- تعظيم جلال الله وهو الهيبة 10- صدق المحبة خـامساً: مقامات التقوى وللتقوى مقامات كثيرة تبين معدن الإنسان وتظهر لبه منها: 1- أن يتقي الكفر وهو مقام الإسلام ويكون بتحقيق الإسلام. 2- أن يتقي المعاصي وهو مقام التوبة ويكون بتحقيق التوبة الصادقة 3- أن يتقي الشبهات وهو مقام الزهد والورع 4- أن يتقي المباحثات لأن من مراتب دعوة الشيطان الاشتغال بفضول المباحثات 5- أن يتقي انشغال القلب بغير الله وهو مقام المراقبة أو المشاهدة. سـادساً: مراتب التقوى وللتقوى مراتب ثلاث هي: 1- التوقي عن العذاب عن العذاب الدائم: بالتبرء من الكفر والدليل قوله تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح:26] 2- تجنب كل إثم يقول تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الأعراف:96] 3- التنزه عن كل ما يشغلك عن الله تعالى يقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران:102] سـابعاً: حقيقة التقوى من القرآن الكريم أخي المسلم أختي المسلمة: لمعرفة حقيقة التقوى في القرآن فإن كلمة التقوى وردت بعدة معاني منها: 1- الإيمان قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات:3] أي الإيمان 2- التوحيد قال تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح:26] أي تابوا 3- التوبة قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ} [الأعراف:96] أي تابوا. 4- ترك المعصية قال تعالى: {وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة:189] أي فلا تعصوه. 5- الإخلاص قال تعالى: {فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32] أي من إخلاص القلوب | ||
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إرسال تعليق